ﻗﺼﺔ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﻝ ﻭﺯﻭﺟﺘﻪ..والله روعه
***************
ﻗﺮﺭ ﻣﺤﺘﺎﻝ ﻭﺯﻭﺟﺘﻪ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻗﺪ ﺃﻋﺠﺒﺘﻬﻢ ﻟﻴﻤﺎﺭﺳﺎ
ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻨﺼﺐ ﻭ ﺍﻹﺣﺘﻴﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ .
ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻷﻭﻝ :
ﺍﺷﺘﺮﻯ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﻝ ﺣﻤـــﺎﺭﺍ ﻭﻣﻸ ﻓﻤﻪ ﺑﻠﻴﺮﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﺭﻏﻤﺎً ﻋﻨﻪ ،
ﻭﺃﺧﺬﻩ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﺚ ﺗﺰﺩﺣﻢ ﺍﻷﻗﺪﺍﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﻕ
ﻓﻨﻬﻖ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ ﻓﺘﺴﺎﻗﻄﺖ ﺍﻟﻨﻘﻮﺩ ﻣﻦ ﻓﻤﻪ ..
ﻓﺘﺠﻤﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺧﺒﺮﻫﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻤــﺎﺭ ﻛﻠﻤﺎ ﻧﻬﻖ
ﺗﺘﺴﺎﻗﻂ ﺍﻟﻨﻘﻮﺩ ﻣﻦ ﻓﻤﻪ ﺑﺪﻭﻥ ﺗﻔﻜﻴﺮﺍ ﺑﺪﺃﺕ ﺍﻟﻤﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺣﻮﻝ ﺑﻴﻊ
ﺍﻟﺤﻤــﺎﺭ ..
ﻭﺍﺷﺘﺮﺍﻩ ﻛﺒﻴﺮ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﺑﻤﺒﻠﻎ ﻛﺒﻴﺮ ﻟﻜﻨﻪ ﺍﻛﺘﺸﻒ ﺑﻌﺪ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺑﺄﻧﻪ
ﻭﻗﻊ ﺿﺤﻴﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻧﺼﺐ ﻏﺒﻴﺔ ﻓﺎﻧﻄﻠﻖ ﻣﻊ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻓﻮﺭﺍً ﺇﻟﻰ
ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﻝ ﻭﻃﺮﻗﻮﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻓﺄﺟﺎﺑﺘﻬﻢ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﺃﻧﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺟﻮﺩ !!
ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺳﺘﺮﺳـــﻞ ﺍﻟﻜﻠﺐ ﻭﺳﻮﻑ ﻳﺤﻀﺮﻩ ﻓــــــﻮﺭﺍ .
ﻓﻌﻼً ﺃﻃﻠﻘﺖ ﺍﻟﻜﻠﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻣﺤﺒﻮﺳﺎ ﻓﻬـــﺮﺏ ﻻ ﻳﻠﻮﻱ ﻋﻠﻰ
ﺷﻲﺀ , ﻟﻜﻦ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﻋﺎﺩ ﺑﻌﺪ ﻗﻠﻴﻞ ﻭﺑﺮﻓﻘﺘﻪ ﻛﻠﺐ ﻳﺸﺒﻪ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﺍﻟﻜﻠﺐ
ﺍﻟﺬﻱ ﻫﺮﺏ .
ﻃﺒﻌﺎً ، ﻧﺴﻮﺍ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺟﺎﺅﻭﺍ ﻭﻓﺎﻭﺿﻮﻩ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﺍﺀ ﺍﻟﻜﻠﺐ , ﻭﺍﺷﺘﺮﺍﻩ
ﺃﺣﺪﻫﻢ ﺑﻤﺒﻠﻎ ﻛﺒﻴﺮ ﺛﻢ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﺃﻭﺻﻰ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﺃﻥ ﺗﻄﻠﻘﻪ
ﻟﻴﺤﻀﺮﻩ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻓﺄﻃﻠﻘﺖ ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ ﺍﻟﻜﻠﺐ ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺮﻭﻩ ﺑﻌﺪ
ﺫﻟﻚ .
ﻋﺮﻑ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﺃﻧﻬﻢ ﺗﻌﺮﺿﻮﺍ ﻟﻠﻨﺼﺐ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﺎﻧﻄﻠﻘﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺖ
ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﻝ ﻭﺩﺧﻠﻮﺍ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻋﻨﻮﺓ ﻓﻠــﻢ ﻳﺠــﺪﻭﺍ ﺳﻮﻯ ﺯﻭﺟﺘﻪ ،
ﻓﺠﻠﺴﻮﺍ ﻳﻨﺘﻈﺮﻭﻧﻪ ﻭﻟﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺛﻢ ﺇﻟﻰ ﺯﻭﺟﺘﻪ , ﻭﻗــــﺎﻝ
ﻟﻬﺎ : ﻟﻤـــﺎﺫﺍ ﻟﻢ ﺗﻘﻮﻣﻲ ﺑﻮﺍﺟﺒـــﺎﺕ ﺍﻟﻀﻴﺎﻓﺔ ﻟﻬـــﺆﻻﺀ
ﺍﻷﻛـــﺎﺭﻡ ? ﻓﻘﺎﻟﺖ ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ : ﺇﻧﻬﻢ ﺿﻴﻮﻓﻚ ﻓﻘﻢ ﺑﻮﺍﺟﺒﻬﻢ
ﺃﻧﺖ . ﻓﺘﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﺎﻟﻐﻀﺐ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻭﺃﺧــﺮﺝ ﻣﻦ ﺟﻴﺒﻪ ﺳﻜﻴﻨﺎ
ﻣﺰﻳﻔﺎ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻨﺼﻞ ﺑﺎﻟﻤﻘﺒﺾ ﻭﻃﻌﻨﻬﺎ ﻓﻲ
ﺍﻟﺼﺪﺭ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺑﺎﻟﻮﻧﺎ ﻣﻠﻴﺌﺎً ﺑﺎﻟﺼﺒﻐﺔ ﺍﻟﺤﻤﺮﺍﺀ , ﻓﺘﻈﺎﻫﺮﺕ
ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ ﺑﺎﻟﻤﻮﺕ ﺻﺎﺭ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻳﻠﻮﻣﻮﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻬﻮﺭ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ :
ﻻ ﺗﻘﻠﻘﻮﺍ ... ﻓﻘﺪ ﻗﺘﻠﺘﻬﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮﺓ ﻭﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺃﻋﺎﺩﺗﻬﺎ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ
ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻭﻓﻮﺭﺍ ﺍﺧﺮﺝ ﻣﺰﻣﺎﺭﺍً ﻣﻦ ﺟﻴﺒﻪ ﻭﺑﺪﺃ ﻳﻌﺰﻑ ﻓﻘﺎﻣﺖ
ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ ﺃﻛﺜﺮ ﺣﻴﻮﻳﺔ ﻭﻧﺸﺎﻃﺎ ..
ﻭﺍﻧﻄﻠﻘﺖ ﻟﺘﺼﻨﻊ ﺍﻟﻘﻬﻮﺓ ﻟﻠﺮﺟﺎﻝ ﺍﻟﻤﺪﻫﻮﺷﻴﻦ !!
ﻧﺴﻰ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺟﺎﺀﻭﺍ , ﻭﺻﺎﺭﻭﺍ ﻳﻔﺎﻭﺿﻮﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺰﻣﺎﺭ ﺣﺘﻰ
ﺍﺷﺘﺮﻭﻩ ﻣﻨﻪ ﺑﻤﺒﻠﻎ ﻛﺒﻴﺮ ﺟﺪﺍً ، ﻭﻋﺎﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﺎﺯ ﺑﻪ ﻭﻃﻌﻦ ﺯﻭﺟﺘﻪ
ﻭﺻﺎﺭ ﻳﻌﺰﻑ ﻓﻮﻗﻬﺎ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﻓﻠﻢ ﺗﺼﺤﻮ , ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﺳﺄﻟﻪ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ
ﻋﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻣﻌﻪ ﻓﺨﺎﻑ ﺍﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻬﻢ ﺍﻧﻪ ﻗﺘﻞ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﻓﺎﺩﻋﻰ ﺍﻥ
ﺍﻟﻤﺰﻣﺎﺭ ﻳﻌﻤﻞ ﻭﺍﻧﻪ ﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺯﻭﺟﺘﻪ , ﻓﺎﺳﺘﻌﺎﺭﻩ
ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﻣﻨﻪ .... ﻭﻗﺘﻞ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﺯﻭﺟﺘﻪً ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻃﻔﺢ ﺍﻟﻜﻴﻞ ﻣﻊ
ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ , ﺫﻫﺒﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﻝ ﻭﻭﺿﻌﻮﻩ ﻓﻲ ﻛﻴﺲ ﻭﺃﺧﺬﻭﻩ
ﻟﻴﻠﻘﻮﻩ ﺑﺎﻟﺒﺤﺮ ..
ﺳﺎﺭﻭﺍ ﺣﺘﻰ ﺗﻌﺒﻮﺍ ﻓﺠﻠﺴﻮﺍ ﻟﻠـــﺮﺍﺣﺔ ﻓﻨــﺎﻣﻮﺍ .
ﺻﺎﺭ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﻝ ﻳﺼﺮﺥ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻜﻴﺲ , ﻓﺠﺎﺀﻩ ﺭﺍﻋﻲ ﻏﻨﻢ ﻭﺳﺄﻟﻪ
ﻋﻦ ﺳﺒﺐ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻜﻴﺲ ﻭﻫﺆﻻﺀ ﻧﻴﺎﻡ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﺑﺄﻧﻬﻢ
ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺗﺰﻭﻳﺠﻪ ﻣﻦ ﺑﻨﺖ ﻛﺒﻴﺮ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻹﻣﺎﺭﺓ ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻌﺸﻖ ﺍﺑﻨﺔ
ﻋﻤﻪ ﻭﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﺑﻨﺖ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺜﺮﻱ ..
ﻃﺒﻌﺎً ﺃﻗﻨﻊ ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ ﺍﻟﺮﺍﻋﻲ ﺑﺄﻥ ﻳﺤﻞ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻴﺲ ﻃﻤﻌﺎ
ﺑﺎﻟﺰﻭﺍﺝ ﻣﻦ ﺍﺑﻨﺔ ﻛﺒﻴﺮ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ , ﻓﺪﺧﻞ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﻝ
ﺃﻏﻨﺎﻣﻪ ﻭﻋﺎﺩ ﻟﻠﻤﺪﻳﻨﺔ ..
ﻭﻟﻤﺎ ﻧﻬﺾ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﺫﻫﺒﻮﺍ ﻭﺃﻟﻘﻮﺍ ﺍﻟﻜﻴﺲ ﺑﺎﻟﺒﺤﺮ ﻭﻋﺎﺩﻭﺍ ﻟﻠﻤﺪﻳﻨﺔ
ﻣﺮﺗﺎﺣﻴﻦ ..
ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻭﺟﺪﻭﺍ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﻝ ﺃﻣﺎﻣﻬﻢ
ﻭﻣﻌﻪ 300 ﺭﺃﺱ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻨﻢ ...
ﻓﺴﺄﻟﻮﻩ ﻓﺄﺧﺒﺮﻫﻢ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻟﻤﺎ ﺃﻟﻘﻮﻩ ﺑﺎﻟﺒﺤﺮ ﺧﺮﺟﺖ ﺣﻮﺭﻳﺔ ﻭﺗﻠﻘﺘﻪ
ﻭﺃﻋﻄﺘﻪ ﺫﻫﺒﺎ ﻭﻏﻨﻤﺎ ﻭﺃﻭﺻﻠﺘﻪ ﻟﻠﺸﺎﻃﻲﺀ ﻭﺃﺧﺒﺮﺗﻪ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻟﻮ ﺭﻣﻮﻩ
ﺑﻤﻜﺎﻥ ﺃﺑﻌﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺎﻃﻲﺀ ﻷﻧﻘﺬﺗﻪ ﺃﺧﺘﻬﺎ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺛﺮﺍﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ
ﺳﺘﻨﻘﺬﻩ ﻭﺗﻌﻄﻴﻪ ﺁﻻﻑ ﺍﻟﺮﺅﻭﺱ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻨﻢ ﻭﻫﻲ ﺗﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﻊ
ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﻝ ﻳﺤﺪﺛﻬﻢ ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻳﺴﺘﻤﻌﻮﻥ ﻓﺎﻧﻄﻠﻖ
ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻭﺃﻟﻘﻮﺍ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺮ ) ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﻌﻮﺽ(
الأحد، 21 ديسمبر 2014
الاثنين، 15 ديسمبر 2014
معجزات سيدنا سليمان
ولسليمان الرياح غدوّها شهر ورواحها شهر وأرسلنا له عين القطر, ومن الجن من يعمل بين يديه باذن ربه, ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير{سبأ 12.
1.الجن
خرج سليمانعليه السلام كعادته الى بيت المقدس, وكانت العاصفة شديدة, وبقي هناك في محرابه, يعبد الله حتى انتصف الليل, فلما همّ للعودة, تجلى له نور الله عز وجل, وشعر كأن روحه تهيم في تلك الأشعة النورانية, فانطلق لسانه وتحرّكت شفتاه فقال:} وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي انك أنت الوهاب{ص 35.
شعر سليمان عليه السلام كأنه في حلم لم يستيقظ منه الا في الصباح فعاد الى قصره وجلس على عرشه يفكر فيما رآه من محرابه, وفيما دعا به ربه. فسمع هاتفا يهتف به ويقول له: لقد استجاب الله دعاءك, وسخر لك في ملكه ما لم يسخره لغيرك.
سخر الله سبحانه عز وجل الرياح لسليمان تجري بأمره حيث يشاء فتسقط الأمطار, وتسوق السفن.
وسخر له الجن والشياطين, يعملون له ما يريد من بناء المساكن والقصور, واصلاح الأرض للزراعة, وحفر الآبار لريّها.
وأخضع الله سبحانه وتعالى لسليمان الطير والحيوان, فكان هؤلاء وهؤلاء من رعاياه المخلصين.
وكان سليمان عليه السلام عبدا شكورا, يحمد الله وكان من عباد الله المخلصين. فقال عليه السلام:
رب, بما أنعمت عليّ وعلى والديّ, سأهب نفسي لطاعتك والجهاد في سبيلك, فوفقني الى طريقك المستقيم.
سأحارب الفقر الذي يذل عبادك المخلصين.
سأعلن الحرب على الظلم الذي فتن عبيدك الأولين.
سأجاهد ما حييت المشركين بك, الخارجين عن طاعتك.
عند ذلك سمع الملائكة تقول آمين. فسجد لله القوي العزيز.
وحرص سليمان عليه السلام أن لا يفتنه الشيطان بالملك الواسع الذي وهبه الله له والقوى الخارقة التي لم يهبها الله لأحد من قبله ولا لأحد من بعده.
سخر سليمان عليه السلام كل هذه النعم التي أنعم الله بها عليه للاصلاح والتعمير, فخرجت السفن تدفعها ريح سليمان, وعادت تحمل المتاجر من البلاد النائية والجزية من ملوك الأرض والأقطار الواسعة, وقامت شياطين الجن بحفر الآبار وبنائها في الصحراء, واصلاح الأراضي المحيطة بها, وقطع الأحجار من الجبال, وبناء المدن والأمصار بشوارعها الممهدة, وميادينها الفسيحة, وجعلت في وسط كل ميدان قدرا كبيرا من الحجر المنحوت, يشبه وعاء الطعام, ولكنه عظيم الاتساع, وتأتي السحب بعد ذلك فتملؤه بمياه الأمطار, فاذا هي كبيرة عظيمة الاتساع, تكسب الميادين بهجة وجمالا فاذا أخذت المدينة زخرفها وازينت أقبل الناس على سكناها وبذر البذور في الوادي المحيط بها, وريّها بمياه الأمطار والآبار فتخضرّ الأرض, ويعم الخير, ويعيش الناس في رخاء يعبدون الله الواهب الرزاق.
وكثرت عمارة المدن, وزراعة الصحارى, وعاش بنو اسرائيل في نعيم ما رأوا مثيله في غابر الأيام والأزمان.
وكان قصر سليمان قصرا رائعا, بل يعدّ من أروع ما تمّ تشييده في هذا الوقت, فأحجاره من الرخام المرمر, وجدرانه وسقفه مموّهة بالذهب الخالص, وبالقرب من مساكن الجند وحظائر الخيل, وتحت القصر خزائن الملك في جوف الأرض, يهبطون اليها في سراديب ممتدّة بين قاعاتها, وفي نهايتها أبواب ضخمة, وقف على كل منها ماردان من عفاريت الجان.
ومن المعجزات التي أنعم الله بها على سليمان, أن الشياطين كانت تخرج كل يوم الى الجبال: بعضهم ينبشونها ويستخرجون دفائنها من الذهب والماس, وآخرون يغوصون في البحار يصيدون حبّات اللؤلؤ الثمينة, ويعود هؤلاء وهؤلاء في المساء, فيضعون ما جمعوا في خزائن سليمان, ثم يغلقون أبواب الخزائن كلها, ويخرجون من سراديبها الى بهو القصر العظيم, فتغلق البوابة الكبرى, ويقف لحراستها ماردان من أشراف الجان, لا تغمض لهما عين.
كانوا يخرجون في كل يوم ويعودون, حتى امتلأت خزائن الأرض بالمعادن النفيسة, والأحجار الكريمة التي لا يجرؤ على الدنو منها والاقتراب منها انس ولا جان.
وكان سليمان عليه السلام يعاقب من يخالفه من الشياطين عقابا صارما, فيحبسه في قارورة من زجاج فلا يستطيع الفرار منها طول حياته, وفي يوم جيء له بأحد الشياطين مقيدا بالأغلال, فلما سأل عن ذنبه قيل له: انه قد أضاع لؤلؤة كبيرة خرج بها من البحر, ولم يودعها خزائن الملك.
قال سليمان: أين خبأتها أيها العفريت؟
قال الشيطان: لقد غصت مع الغائصين, وخرجت بلؤلؤة في حجم رأس الانسان, ما رأى أحد مثلها في جمالها, وروعة بريقها, وظننت أنني بهذه اللؤلؤة سأحظى برضاك عني طول حياتي, ولكنني عند العودة فوجئت بمارد جبّار قد انقض علي من السماء, وخطفها مني ثم انطلق في الجو نحو الجنوب, واختفى بين طيّات السحاب, فما استطعت اللحاق به.
قال سليمان: اذا كان حقا ما تقول فاني سأعرض الجن عليك لتخرجه من بينهم.
قال الشيطان: لو كان هذا الجني من مملكتك لما استطاع أن يفرّ مني, ولكنه جنيّ من نوع آخر يعيش في مملكة أخرى.
عندئذ أمر سليمان عليه السلام بسجنه حتى يرى مبلغ صدقه, ودعا وزيره "آصف" وكان وزيرا حكيما, وعالما, فرآى الوزير أن الجني صادق فيما يقوله, فقال لسليمان: يا نبي الله؛ ان الشياطين لا تهتم بجمع اللآلىء بنفسها, ولا بد أنها مسخرة لملك من الانس, ولقد ساق الله اليك هذا الحادث ليذكرك بما أخذته على نفسك وهو الجهاد في سبيل الله بما وهب لك من القرى, فشغلك جمع النفائس عن الوفاء بوعدك, وأرى أن تجدّ في البحث وراء هذا المارد حتى تهتدي الى الملك الذي أرسله وربما وجدته من المجوس الذين يتخذون لهم أربابا من دون الله عز وجل.
أمر سليمان باطلاق سراح الجني الذي صاد اللؤلؤة, ومكث بعد ذلك ساعة مطرقا يفكر في كلام وزيره, ثم ذهب الى محرابه في بيت المقدس حتى منتصف الليل, وفي الصباح أمر أن يتهيأ الجيش للزحف نحو الجنوب.
2.حديث النملة
خرج سليمان يوما على صهوة جواد أشهب وعن يمينه فرسان الانس على خيول حمر, وعن يساره فرسان الجن على خيول سود, وخلفه المشاة الذين لا يحصى عددهم من الانس ومردة الجن, وانتشرت الطيور جماعات في السماء, تحجب أشعة الشمس المحرقة عن هذا الجيش العظيم الذي لم ير الناس مثله.
تحرّك الجيش الى الجنوب وظل أيام يضرب في مجاهل الصحراء حتى أشرف على وادي النمل فقالت نملة:
} يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون{النمل 18.
سمع سليمان عليه السلام قولها, وفهم حديثها, فتبسّم ضاحكا من قولها وقال:
} ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والديّ وأن أعمل صالحا ترضاه{.النمل 19.
أحسّ سليمان بالمعجزة التي أنعم الله بها عليه وهي أنه يسمع قول نملة في باطن الأرض لا ترى بالعين المجرّدة ويفهم لغتها, ذلك أمر لا يؤتى لأحد غير سليمان عليه السلام وبمشيئة الله وقدرته عز وجل.
أمر سليمان عليه السلام فضربت الخيام, واستراح الجيش أمام وادي النمل يوما وليلة, ولمّا تهيأ الجيش بعد ذلك للرحيل, جمع فتات الطعام, فاتخذ النمل طريقه اليه ينقله الى بيوته, وتحوّل جيش سليمان عليه السلام الى طريق آخر في الصحراء, فظلوا سائرين فيها ليالي وأيّاما, ولم يصادفوا واحة ينزلون بها, أو عينا يشربون منها حتى نفذ ما كان معهم من الماء, وأقبل السقاؤون على سليمان يخبرونه حقيقة الأمر.
واستخدم سليمان عليه السلام ما أتاه الله من فضل, بل نقول أنه استخدم المعجزة التي حباه الله اياها وهي تسخير الجن له فأصدر سليمان أمره الى شياطين الجن بحفر الآبار واخراج الماء من باطن الأرض, فحفروا ولكنهم لم يجدوا ماء فأعادوا الحفر في أكثر من جهة, فما خرج الماء في واحدة منها, وعادوا الى سليمان بخيبة الأمل.
قيل لسليمان عليه السلام: ان الهدهد وحده هو الذي يعرف بفطرته أماكن الماء في طبقات الأرض, وهو الذي يستطيع أن يخبرنا عن ماء قريب من السطح.
قال سليمان لحاجبه: عليّ بالهدهد.
خرج الحاجب وعاد ليقول: ان الهدهد ليس موجودا يا مولاي.
غضب سليمان عليه السلام, وخرج يتفقد الطير, فوجد مكان الهدهد خاليا فقال:
} ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين{النمل 20.
قال الغراب: لقد رأيته ينطلق نحو الجنوب في صحبة هدهد آخر من طيور هذه الأرض.
قال سليمان: لأعذبنه عذابا شديدا, أو لأذبحنّه, أو ليأتيني بدليل قوي يبرر به سبب عصيانه أمري ومخالفته تعليماتي.
فقال "آصف" وزير سليمان عليه السلام: ان هذه أول مخالفة تصدر من طير ضعيف, كان مثالا للطاعة والولاء, ولا بد أن في الأمر سرّا.
قال سليمان: أي سر يختفي وراء غياب الهدهد؟!.
قال آصف: أخشى أن قد اقتربنا من وادي الجان, واستعملت أبالستهم السحر والخداع فأضلتنا عن مكان الماء وأسرت الهدهد حتى لا يكتشف لنا ينابيعه.
وقد أخبرني أحد الشياطين أنه سمع في جوف الجبل عزيف الجن, وحاول أن يتفقد أثرهم فما عرف طريقهم, ولا مكانهم, وأبدى خوفه من أن نكون قد وقعنا في أسر مارد جبار من شياطين الجن.
تبسّم سليمان عليه السلام لهذا الخبر العجيب, وقال: الحمد لله الذي هدانا اليهم, وان النصر لقريب.
كان أمر الماء يشغل سليمان, لأن جنوده يشعرون بالعطش وفي هذا الأمر خطر على حياتهم, فخرج عليه السلام من خيمته وأمر الريح العاصف بحمل السحب الماطرة اليه. فهبت الرياح من الشمال والجنوب, وساقت أمامها السحب ونزل المطر غزيرا من السماء, فملئت القدور والقرب والمواعين وشرب الجيش ماء عذبا, وحمدوا الله جميعا على رحمته, وجليل نعمته, وهذه معجزة من معجزات نبي الله سليمان عليه السلام.
نعود الى الهدهد الذي ترك مكانه بين الطيور, بدون اذن من سليمان عليه السلام فانه نظر الى مواعين الماء فوجدها فارغة, فخاف أن يكوت جيش سيده من العطش, فترك مكانه وأسرع الى الأمام يجدّ في البحث عن الماء, فوج طبقات الأرض كلها صخور صمّاء, ليس بها عين من عيون الماء, وصادفه في طريقه هدهد آخر مقبل من الجنوب, فتعارفا وتطوّع هدهد الجنوب, وأرشده الى ينبوع عظيم.
انطلق الهدهدان حتى أتيا واديا خصيبا, ثم وقفا يستريحان على شجرة في بستان كبير مملوء بالأشجار والورود والأزاهير وفي وسطه بحيرة واسعة, يخرج الماء اليها من عيون الأرض. فينساب في الجداول بين نبات الأرض وأشجارها.
فرح هدهد سليمان, واستأذن صديقه هدهد الجنوب أن يعود الى سيّده ليخبره بما رأى, ولكن هدهد الجنوب استوقفه وقال له: أنت لم تر الا شيئا صغيرا, فتعال معي لتشاهد عزا وملكا كبيرا خلف هذا الوادي, حتى اذا عدت الى سيّدك أخبرته بكل ما رأيت, فيكون لخبرك أثر عظيم في نفسه.
قال هدهد سليمان: وماذا تريني بعد؟
قال هدهد الجنوب: انطلق معي لتشاهد بعينيك.
طار الهدهدان وتخطيا جبلا عاليا, ثم هبطا على واد أخضر به زرع نضير, وقصور فخمة, ثم اتجها نحو قصر بديع فوق ربوة عالية, فدهش هدهد الشمال بما رأى من مناظر العز والجاه, ومظاهر الملك والسلطان, فقال لصاحبه: عجبا ما رأيت مثل هذا الا في ملك سليمان في الشمال.
قال هدهد الجنوب: وما ملك سليمان هذه بجانب ملك "بلقيس" في الجنوب, اهبط معي من هذه الفتحة لتشاهد هذه المملكة الرائعة وقومها وهم يعبدون الشمس.
هبط الهدهدان, ورأى هدهد سليمان القوم يسجدون للشمس من دون الله, فراغه ذلك, ثم ذهب به هدهد الجنوب الى قصر "بلقيس" وأراه عرشها العظيم, ثم قال له: انظر الى هذه اللؤلؤة الكبيرة, هل عند سيّدك مثلها؟
قال هدهد سليمان: كيف وصلت اليها هذه اللؤلؤة؟
قال هدهد الجنوب: جاء بها عفريت من الجن منذ شهر.
قال هدهد سليمان: اذن هذه لؤلؤة سليمان التي خطفها عفريتكم من يد الجني الذي صادها والويل لكم من سليمان.
قال هدهد الجنوب: ليس الأمر كما تظن ف "بلقيس" تملك الجن كما تملك الانس, وأخشى على ملكك أن يغترّ بقوته, ويقدم على محاربتها, فيذوق ذل الأسر والهوان على يد جنودها.
ورغم أن هدهد الجنوب بالغ في القول على علاقة الجن ببلقيس لأن هذا الأمر لم يعطى الا لسليمان عليه السلام, فقد سمع هدهد سليمان كل هذا, ورأى ما رأى, ثم عاد مسرعا الى سليمان, فوجد سحبا كثيرة تسقط الأمطار والقوم يشربون.
وصل الهدهد, هدهد سليمان, الى مقرّه, وتقدّم في ذلة وخضوع الى الملك سليمان فوجده ساخطا عليه, وخاف على نفسه سوء العاقبة.
قال سليمان: أين كنت أيها الهدهد؟ وما سبب مخالفتك أمري؛ وتركك مكانك بدون اذني؟!
قصّ الهدهد على سليمان قصته كلها.
ابتسم سليمان وقال: } سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين* اذهب بكتابي هذا فألقه اليهم ثم تولّ عنهم فانظر ماذا يرجعون{النمل 27-28.
حمل الهدهد رسالة سليمان الى بلقيس وطار بها الى قصرها فوجدها جالسة على عرشها, وأمامها حاشيتها ووزراؤها فأسقط الخطاب في حجرها واختفى وراء ستار النافذة.
كانت بلقيس قد عقدت مجلس الشورى للنظر في الأخبار التي جاء بها الجن عن سليمان وجيوشه, فلما وقعت الرسالة في حجرها عجبت لذلك, ثم قرأتها على الحاضرين, جاء في الرسالة:} انه من سليمان وانه بسم الله الرحمن الرحيم* ألا تعلو عليّ وأتوني مسلمين{النمل 30-31.
فقالت لهم بلقيس:} أفتوني في أمري{.
قالوا:} نحن أولو قوة وأولو بأس شديد والأمر اليك فانظري ماذا تأمرين{.
قالت بلقيس:} ان الملوك اذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة{ولقد سمعت بسليمان من قبل, ولا أرغب في حرب أخشى منها الهوان لقومي.
واني مرسلة الى سليمان بهدية, فان كان من طلاب الدنيا قنع بها ورجع عنها, وان رفضها فهو صاحب مبدأ, لا ينثني عنه, وعند ذلك نذهب اليه مسلمين قبل أن يأخذنا أسرى مقيّدين.
ذهب رسول بلقيس الى سليمان وقدّم بين يديه صندوقا مملوءا بالذهب والأحجار الكريمة.
قال سليمان: من أين هذا؟
قال: هدية من ملكتنا "بلقيس" الى الملك سليمان.
قال سليمان: } أتمدونن بمال فما آتان الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون{النمل 36.
}ارجع اليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجهم منها أذلة وهم صاغرون{النمل 37.
عاد الرسول الى بلقيس, وأخبرها بما سمع, فأمرت قومها أن يحملوا راية بيضاء, وخرجت بهم الى سليمان عليه السلام في موكب عظيم, ولكن سليمان سيستبق وصول هذا الموكب بمعجزة تدهش لها بلقيس, ترى ما هذه المعجزة, وماذا ستكون؟
3.العرش ومعجزة الاتيان به
علم الهدهد من خلال طيرانه ورحلاته أن بلقيس خرجت, فعاد الى سليمان وأخبره بخروجها, فأمر الجن أن يعدوا لها بنيانا تنزل فيه, فبنوا صرحا من قوارير خضر, وجعلوا له طوابق من قوارير بيض, فصار كأنه الماء, وجعلوا تحت الطوابق صور دواب البحر من السمك وغيره, فأصبح الذي ينظر الى أرضه الزجاجية يظن أنها بحيرة بمائه وأسماكها.
ولما ظهر ركب " بلقيس" في الأفق البعيد, جمع سليمان أهل الرأي من الانس والجان, وقال لهم:} أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين{.
فوقف عفريت من الجن وقال:} أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك{أي قبل أن تنتهي من مجلسك.
قال سليمان:} سوف لا ينتهي مجلسي قبل حضورها.
قال وزيره "آصف" وكان رجلا عنده علم من الله سبحانه وتعالى:} أنا آتيك به قبل أن يرتد اليك طرفك{.
رفع سليمان عليه السلام نظره الى السماء, وسجد "آصف" ودعا ربه سبحانه وتعالى, فاذا العرش أمامهم, فلما نظر سليمان الى الأرض, ورأى العرش سرّ سرورا كثيرا, وأمر بوضعه أمامه مقلوبا.
أقبلت "بلقيس" فرأت عرشها مقلوبا أمام سليمان, وعجبت كثيرا لأنها تركته بقصرها في حراسة شديدة, ثم نظرت الى قومها فوجدتهم جميعا في ذهول.
قال سليمان: أهكذا عرشك؟
قالت: كأنه هو, ولقد أتيتك بقومي مسلمين.
قال سليمان: الآن أنت وقومك, في أمان, وستظلين مليكة قومك تصرّفين أمورهم, وتحكمينهم بما أمر الله.
طلبت "بلقيس" السماح لها بالعودة الى قومها لتبشرهم بالدين الجديد, فعرض عليها سليمان أن تستريح من عناء السفر قبل العودة فقبلت دعوته, وخرجت لتغير ملابسها في خيمتها, وذهب سليمان الى الصرح فجلس على كرسي وانتظر قدومها.
أقبلت "بلقيس" في زينتها الى مدخل الصرح, ووجدت سليمان في نهاية البهو يرحب بمقدمها, فلما نظرت الى أرضه حسبتها حوضا مملوءا بالماء, وخشيت أن تبتل ملابسها, فكشفت عن ساقيها لتخوض الماء.
قال سليمان:}انه صرح ممرّد{من قوارير زجاجية.
فخجلت من جهلها, وأقرّت لسليمان بالنبوّة, ولربه بالعظمة والقوّة,وقالت في حماسة ويقين:
ربّ, اني ظلمت نفسي بعبادة الشمس, وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين.
ورجعت الى قومها مؤمنة, وصارت ترسل الجزية في كل عام الى سليمان.
4.معجزة عند الموت
قضى سليمان سنواته الباقية من حياته يقود رعيته بالعدل, ويتقرّب الى ربه بالعبادة, وقد اختار لعبادته مكانا ببيت المقدس,لا يجرؤ أحد على الدنو منه ما دام هو قائم يصلي في المحراب.
فلما علم أنه حان حينه, وانتهى أجله, توكأ على عصاه, وخرج الى المسجد الأقصى, فدخل المحراب, واتجه الى الله مرتكزا على عصاه, فقبضه ملك الموت, وظل جثمانه واقفا تسنده العصا أياما, والناس والجن لا يدرون بموته, ولا يجرؤون على الاقتراب منه في محرابه, حتى تآكلت العصا, لقد أكلتها حشرة الأرض, فانكسرت العصا, ووقع الجثمان على الأرض فشاع الخبر, وشيّعته بنو اسرائيل الى مثواه, وعادوا من قبره يرددون: سبحانك اللهم! تؤتي الملك من تشاء, وتنزع الملك ممك تشاء.
هكذا كانت معجزات سليمان عليه السلام فهو يكلم النمل والطير والحيوان, ويسخر الرياح والجن بأمر ربه, وعندما يموت يموت هكذا, انها معجزات عظيمة وملك لم يؤت لأحد من بعد سليمان عليه السلام
1.الجن
خرج سليمانعليه السلام كعادته الى بيت المقدس, وكانت العاصفة شديدة, وبقي هناك في محرابه, يعبد الله حتى انتصف الليل, فلما همّ للعودة, تجلى له نور الله عز وجل, وشعر كأن روحه تهيم في تلك الأشعة النورانية, فانطلق لسانه وتحرّكت شفتاه فقال:} وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي انك أنت الوهاب{ص 35.
شعر سليمان عليه السلام كأنه في حلم لم يستيقظ منه الا في الصباح فعاد الى قصره وجلس على عرشه يفكر فيما رآه من محرابه, وفيما دعا به ربه. فسمع هاتفا يهتف به ويقول له: لقد استجاب الله دعاءك, وسخر لك في ملكه ما لم يسخره لغيرك.
سخر الله سبحانه عز وجل الرياح لسليمان تجري بأمره حيث يشاء فتسقط الأمطار, وتسوق السفن.
وسخر له الجن والشياطين, يعملون له ما يريد من بناء المساكن والقصور, واصلاح الأرض للزراعة, وحفر الآبار لريّها.
وأخضع الله سبحانه وتعالى لسليمان الطير والحيوان, فكان هؤلاء وهؤلاء من رعاياه المخلصين.
وكان سليمان عليه السلام عبدا شكورا, يحمد الله وكان من عباد الله المخلصين. فقال عليه السلام:
رب, بما أنعمت عليّ وعلى والديّ, سأهب نفسي لطاعتك والجهاد في سبيلك, فوفقني الى طريقك المستقيم.
سأحارب الفقر الذي يذل عبادك المخلصين.
سأعلن الحرب على الظلم الذي فتن عبيدك الأولين.
سأجاهد ما حييت المشركين بك, الخارجين عن طاعتك.
عند ذلك سمع الملائكة تقول آمين. فسجد لله القوي العزيز.
وحرص سليمان عليه السلام أن لا يفتنه الشيطان بالملك الواسع الذي وهبه الله له والقوى الخارقة التي لم يهبها الله لأحد من قبله ولا لأحد من بعده.
سخر سليمان عليه السلام كل هذه النعم التي أنعم الله بها عليه للاصلاح والتعمير, فخرجت السفن تدفعها ريح سليمان, وعادت تحمل المتاجر من البلاد النائية والجزية من ملوك الأرض والأقطار الواسعة, وقامت شياطين الجن بحفر الآبار وبنائها في الصحراء, واصلاح الأراضي المحيطة بها, وقطع الأحجار من الجبال, وبناء المدن والأمصار بشوارعها الممهدة, وميادينها الفسيحة, وجعلت في وسط كل ميدان قدرا كبيرا من الحجر المنحوت, يشبه وعاء الطعام, ولكنه عظيم الاتساع, وتأتي السحب بعد ذلك فتملؤه بمياه الأمطار, فاذا هي كبيرة عظيمة الاتساع, تكسب الميادين بهجة وجمالا فاذا أخذت المدينة زخرفها وازينت أقبل الناس على سكناها وبذر البذور في الوادي المحيط بها, وريّها بمياه الأمطار والآبار فتخضرّ الأرض, ويعم الخير, ويعيش الناس في رخاء يعبدون الله الواهب الرزاق.
وكثرت عمارة المدن, وزراعة الصحارى, وعاش بنو اسرائيل في نعيم ما رأوا مثيله في غابر الأيام والأزمان.
وكان قصر سليمان قصرا رائعا, بل يعدّ من أروع ما تمّ تشييده في هذا الوقت, فأحجاره من الرخام المرمر, وجدرانه وسقفه مموّهة بالذهب الخالص, وبالقرب من مساكن الجند وحظائر الخيل, وتحت القصر خزائن الملك في جوف الأرض, يهبطون اليها في سراديب ممتدّة بين قاعاتها, وفي نهايتها أبواب ضخمة, وقف على كل منها ماردان من عفاريت الجان.
ومن المعجزات التي أنعم الله بها على سليمان, أن الشياطين كانت تخرج كل يوم الى الجبال: بعضهم ينبشونها ويستخرجون دفائنها من الذهب والماس, وآخرون يغوصون في البحار يصيدون حبّات اللؤلؤ الثمينة, ويعود هؤلاء وهؤلاء في المساء, فيضعون ما جمعوا في خزائن سليمان, ثم يغلقون أبواب الخزائن كلها, ويخرجون من سراديبها الى بهو القصر العظيم, فتغلق البوابة الكبرى, ويقف لحراستها ماردان من أشراف الجان, لا تغمض لهما عين.
كانوا يخرجون في كل يوم ويعودون, حتى امتلأت خزائن الأرض بالمعادن النفيسة, والأحجار الكريمة التي لا يجرؤ على الدنو منها والاقتراب منها انس ولا جان.
وكان سليمان عليه السلام يعاقب من يخالفه من الشياطين عقابا صارما, فيحبسه في قارورة من زجاج فلا يستطيع الفرار منها طول حياته, وفي يوم جيء له بأحد الشياطين مقيدا بالأغلال, فلما سأل عن ذنبه قيل له: انه قد أضاع لؤلؤة كبيرة خرج بها من البحر, ولم يودعها خزائن الملك.
قال سليمان: أين خبأتها أيها العفريت؟
قال الشيطان: لقد غصت مع الغائصين, وخرجت بلؤلؤة في حجم رأس الانسان, ما رأى أحد مثلها في جمالها, وروعة بريقها, وظننت أنني بهذه اللؤلؤة سأحظى برضاك عني طول حياتي, ولكنني عند العودة فوجئت بمارد جبّار قد انقض علي من السماء, وخطفها مني ثم انطلق في الجو نحو الجنوب, واختفى بين طيّات السحاب, فما استطعت اللحاق به.
قال سليمان: اذا كان حقا ما تقول فاني سأعرض الجن عليك لتخرجه من بينهم.
قال الشيطان: لو كان هذا الجني من مملكتك لما استطاع أن يفرّ مني, ولكنه جنيّ من نوع آخر يعيش في مملكة أخرى.
عندئذ أمر سليمان عليه السلام بسجنه حتى يرى مبلغ صدقه, ودعا وزيره "آصف" وكان وزيرا حكيما, وعالما, فرآى الوزير أن الجني صادق فيما يقوله, فقال لسليمان: يا نبي الله؛ ان الشياطين لا تهتم بجمع اللآلىء بنفسها, ولا بد أنها مسخرة لملك من الانس, ولقد ساق الله اليك هذا الحادث ليذكرك بما أخذته على نفسك وهو الجهاد في سبيل الله بما وهب لك من القرى, فشغلك جمع النفائس عن الوفاء بوعدك, وأرى أن تجدّ في البحث وراء هذا المارد حتى تهتدي الى الملك الذي أرسله وربما وجدته من المجوس الذين يتخذون لهم أربابا من دون الله عز وجل.
أمر سليمان باطلاق سراح الجني الذي صاد اللؤلؤة, ومكث بعد ذلك ساعة مطرقا يفكر في كلام وزيره, ثم ذهب الى محرابه في بيت المقدس حتى منتصف الليل, وفي الصباح أمر أن يتهيأ الجيش للزحف نحو الجنوب.
2.حديث النملة
خرج سليمان يوما على صهوة جواد أشهب وعن يمينه فرسان الانس على خيول حمر, وعن يساره فرسان الجن على خيول سود, وخلفه المشاة الذين لا يحصى عددهم من الانس ومردة الجن, وانتشرت الطيور جماعات في السماء, تحجب أشعة الشمس المحرقة عن هذا الجيش العظيم الذي لم ير الناس مثله.
تحرّك الجيش الى الجنوب وظل أيام يضرب في مجاهل الصحراء حتى أشرف على وادي النمل فقالت نملة:
} يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون{النمل 18.
سمع سليمان عليه السلام قولها, وفهم حديثها, فتبسّم ضاحكا من قولها وقال:
} ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والديّ وأن أعمل صالحا ترضاه{.النمل 19.
أحسّ سليمان بالمعجزة التي أنعم الله بها عليه وهي أنه يسمع قول نملة في باطن الأرض لا ترى بالعين المجرّدة ويفهم لغتها, ذلك أمر لا يؤتى لأحد غير سليمان عليه السلام وبمشيئة الله وقدرته عز وجل.
أمر سليمان عليه السلام فضربت الخيام, واستراح الجيش أمام وادي النمل يوما وليلة, ولمّا تهيأ الجيش بعد ذلك للرحيل, جمع فتات الطعام, فاتخذ النمل طريقه اليه ينقله الى بيوته, وتحوّل جيش سليمان عليه السلام الى طريق آخر في الصحراء, فظلوا سائرين فيها ليالي وأيّاما, ولم يصادفوا واحة ينزلون بها, أو عينا يشربون منها حتى نفذ ما كان معهم من الماء, وأقبل السقاؤون على سليمان يخبرونه حقيقة الأمر.
واستخدم سليمان عليه السلام ما أتاه الله من فضل, بل نقول أنه استخدم المعجزة التي حباه الله اياها وهي تسخير الجن له فأصدر سليمان أمره الى شياطين الجن بحفر الآبار واخراج الماء من باطن الأرض, فحفروا ولكنهم لم يجدوا ماء فأعادوا الحفر في أكثر من جهة, فما خرج الماء في واحدة منها, وعادوا الى سليمان بخيبة الأمل.
قيل لسليمان عليه السلام: ان الهدهد وحده هو الذي يعرف بفطرته أماكن الماء في طبقات الأرض, وهو الذي يستطيع أن يخبرنا عن ماء قريب من السطح.
قال سليمان لحاجبه: عليّ بالهدهد.
خرج الحاجب وعاد ليقول: ان الهدهد ليس موجودا يا مولاي.
غضب سليمان عليه السلام, وخرج يتفقد الطير, فوجد مكان الهدهد خاليا فقال:
} ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين{النمل 20.
قال الغراب: لقد رأيته ينطلق نحو الجنوب في صحبة هدهد آخر من طيور هذه الأرض.
قال سليمان: لأعذبنه عذابا شديدا, أو لأذبحنّه, أو ليأتيني بدليل قوي يبرر به سبب عصيانه أمري ومخالفته تعليماتي.
فقال "آصف" وزير سليمان عليه السلام: ان هذه أول مخالفة تصدر من طير ضعيف, كان مثالا للطاعة والولاء, ولا بد أن في الأمر سرّا.
قال سليمان: أي سر يختفي وراء غياب الهدهد؟!.
قال آصف: أخشى أن قد اقتربنا من وادي الجان, واستعملت أبالستهم السحر والخداع فأضلتنا عن مكان الماء وأسرت الهدهد حتى لا يكتشف لنا ينابيعه.
وقد أخبرني أحد الشياطين أنه سمع في جوف الجبل عزيف الجن, وحاول أن يتفقد أثرهم فما عرف طريقهم, ولا مكانهم, وأبدى خوفه من أن نكون قد وقعنا في أسر مارد جبار من شياطين الجن.
تبسّم سليمان عليه السلام لهذا الخبر العجيب, وقال: الحمد لله الذي هدانا اليهم, وان النصر لقريب.
كان أمر الماء يشغل سليمان, لأن جنوده يشعرون بالعطش وفي هذا الأمر خطر على حياتهم, فخرج عليه السلام من خيمته وأمر الريح العاصف بحمل السحب الماطرة اليه. فهبت الرياح من الشمال والجنوب, وساقت أمامها السحب ونزل المطر غزيرا من السماء, فملئت القدور والقرب والمواعين وشرب الجيش ماء عذبا, وحمدوا الله جميعا على رحمته, وجليل نعمته, وهذه معجزة من معجزات نبي الله سليمان عليه السلام.
نعود الى الهدهد الذي ترك مكانه بين الطيور, بدون اذن من سليمان عليه السلام فانه نظر الى مواعين الماء فوجدها فارغة, فخاف أن يكوت جيش سيده من العطش, فترك مكانه وأسرع الى الأمام يجدّ في البحث عن الماء, فوج طبقات الأرض كلها صخور صمّاء, ليس بها عين من عيون الماء, وصادفه في طريقه هدهد آخر مقبل من الجنوب, فتعارفا وتطوّع هدهد الجنوب, وأرشده الى ينبوع عظيم.
انطلق الهدهدان حتى أتيا واديا خصيبا, ثم وقفا يستريحان على شجرة في بستان كبير مملوء بالأشجار والورود والأزاهير وفي وسطه بحيرة واسعة, يخرج الماء اليها من عيون الأرض. فينساب في الجداول بين نبات الأرض وأشجارها.
فرح هدهد سليمان, واستأذن صديقه هدهد الجنوب أن يعود الى سيّده ليخبره بما رأى, ولكن هدهد الجنوب استوقفه وقال له: أنت لم تر الا شيئا صغيرا, فتعال معي لتشاهد عزا وملكا كبيرا خلف هذا الوادي, حتى اذا عدت الى سيّدك أخبرته بكل ما رأيت, فيكون لخبرك أثر عظيم في نفسه.
قال هدهد سليمان: وماذا تريني بعد؟
قال هدهد الجنوب: انطلق معي لتشاهد بعينيك.
طار الهدهدان وتخطيا جبلا عاليا, ثم هبطا على واد أخضر به زرع نضير, وقصور فخمة, ثم اتجها نحو قصر بديع فوق ربوة عالية, فدهش هدهد الشمال بما رأى من مناظر العز والجاه, ومظاهر الملك والسلطان, فقال لصاحبه: عجبا ما رأيت مثل هذا الا في ملك سليمان في الشمال.
قال هدهد الجنوب: وما ملك سليمان هذه بجانب ملك "بلقيس" في الجنوب, اهبط معي من هذه الفتحة لتشاهد هذه المملكة الرائعة وقومها وهم يعبدون الشمس.
هبط الهدهدان, ورأى هدهد سليمان القوم يسجدون للشمس من دون الله, فراغه ذلك, ثم ذهب به هدهد الجنوب الى قصر "بلقيس" وأراه عرشها العظيم, ثم قال له: انظر الى هذه اللؤلؤة الكبيرة, هل عند سيّدك مثلها؟
قال هدهد سليمان: كيف وصلت اليها هذه اللؤلؤة؟
قال هدهد الجنوب: جاء بها عفريت من الجن منذ شهر.
قال هدهد سليمان: اذن هذه لؤلؤة سليمان التي خطفها عفريتكم من يد الجني الذي صادها والويل لكم من سليمان.
قال هدهد الجنوب: ليس الأمر كما تظن ف "بلقيس" تملك الجن كما تملك الانس, وأخشى على ملكك أن يغترّ بقوته, ويقدم على محاربتها, فيذوق ذل الأسر والهوان على يد جنودها.
ورغم أن هدهد الجنوب بالغ في القول على علاقة الجن ببلقيس لأن هذا الأمر لم يعطى الا لسليمان عليه السلام, فقد سمع هدهد سليمان كل هذا, ورأى ما رأى, ثم عاد مسرعا الى سليمان, فوجد سحبا كثيرة تسقط الأمطار والقوم يشربون.
وصل الهدهد, هدهد سليمان, الى مقرّه, وتقدّم في ذلة وخضوع الى الملك سليمان فوجده ساخطا عليه, وخاف على نفسه سوء العاقبة.
قال سليمان: أين كنت أيها الهدهد؟ وما سبب مخالفتك أمري؛ وتركك مكانك بدون اذني؟!
قصّ الهدهد على سليمان قصته كلها.
ابتسم سليمان وقال: } سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين* اذهب بكتابي هذا فألقه اليهم ثم تولّ عنهم فانظر ماذا يرجعون{النمل 27-28.
حمل الهدهد رسالة سليمان الى بلقيس وطار بها الى قصرها فوجدها جالسة على عرشها, وأمامها حاشيتها ووزراؤها فأسقط الخطاب في حجرها واختفى وراء ستار النافذة.
كانت بلقيس قد عقدت مجلس الشورى للنظر في الأخبار التي جاء بها الجن عن سليمان وجيوشه, فلما وقعت الرسالة في حجرها عجبت لذلك, ثم قرأتها على الحاضرين, جاء في الرسالة:} انه من سليمان وانه بسم الله الرحمن الرحيم* ألا تعلو عليّ وأتوني مسلمين{النمل 30-31.
فقالت لهم بلقيس:} أفتوني في أمري{.
قالوا:} نحن أولو قوة وأولو بأس شديد والأمر اليك فانظري ماذا تأمرين{.
قالت بلقيس:} ان الملوك اذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة{ولقد سمعت بسليمان من قبل, ولا أرغب في حرب أخشى منها الهوان لقومي.
واني مرسلة الى سليمان بهدية, فان كان من طلاب الدنيا قنع بها ورجع عنها, وان رفضها فهو صاحب مبدأ, لا ينثني عنه, وعند ذلك نذهب اليه مسلمين قبل أن يأخذنا أسرى مقيّدين.
ذهب رسول بلقيس الى سليمان وقدّم بين يديه صندوقا مملوءا بالذهب والأحجار الكريمة.
قال سليمان: من أين هذا؟
قال: هدية من ملكتنا "بلقيس" الى الملك سليمان.
قال سليمان: } أتمدونن بمال فما آتان الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون{النمل 36.
}ارجع اليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجهم منها أذلة وهم صاغرون{النمل 37.
عاد الرسول الى بلقيس, وأخبرها بما سمع, فأمرت قومها أن يحملوا راية بيضاء, وخرجت بهم الى سليمان عليه السلام في موكب عظيم, ولكن سليمان سيستبق وصول هذا الموكب بمعجزة تدهش لها بلقيس, ترى ما هذه المعجزة, وماذا ستكون؟
3.العرش ومعجزة الاتيان به
علم الهدهد من خلال طيرانه ورحلاته أن بلقيس خرجت, فعاد الى سليمان وأخبره بخروجها, فأمر الجن أن يعدوا لها بنيانا تنزل فيه, فبنوا صرحا من قوارير خضر, وجعلوا له طوابق من قوارير بيض, فصار كأنه الماء, وجعلوا تحت الطوابق صور دواب البحر من السمك وغيره, فأصبح الذي ينظر الى أرضه الزجاجية يظن أنها بحيرة بمائه وأسماكها.
ولما ظهر ركب " بلقيس" في الأفق البعيد, جمع سليمان أهل الرأي من الانس والجان, وقال لهم:} أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين{.
فوقف عفريت من الجن وقال:} أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك{أي قبل أن تنتهي من مجلسك.
قال سليمان:} سوف لا ينتهي مجلسي قبل حضورها.
قال وزيره "آصف" وكان رجلا عنده علم من الله سبحانه وتعالى:} أنا آتيك به قبل أن يرتد اليك طرفك{.
رفع سليمان عليه السلام نظره الى السماء, وسجد "آصف" ودعا ربه سبحانه وتعالى, فاذا العرش أمامهم, فلما نظر سليمان الى الأرض, ورأى العرش سرّ سرورا كثيرا, وأمر بوضعه أمامه مقلوبا.
أقبلت "بلقيس" فرأت عرشها مقلوبا أمام سليمان, وعجبت كثيرا لأنها تركته بقصرها في حراسة شديدة, ثم نظرت الى قومها فوجدتهم جميعا في ذهول.
قال سليمان: أهكذا عرشك؟
قالت: كأنه هو, ولقد أتيتك بقومي مسلمين.
قال سليمان: الآن أنت وقومك, في أمان, وستظلين مليكة قومك تصرّفين أمورهم, وتحكمينهم بما أمر الله.
طلبت "بلقيس" السماح لها بالعودة الى قومها لتبشرهم بالدين الجديد, فعرض عليها سليمان أن تستريح من عناء السفر قبل العودة فقبلت دعوته, وخرجت لتغير ملابسها في خيمتها, وذهب سليمان الى الصرح فجلس على كرسي وانتظر قدومها.
أقبلت "بلقيس" في زينتها الى مدخل الصرح, ووجدت سليمان في نهاية البهو يرحب بمقدمها, فلما نظرت الى أرضه حسبتها حوضا مملوءا بالماء, وخشيت أن تبتل ملابسها, فكشفت عن ساقيها لتخوض الماء.
قال سليمان:}انه صرح ممرّد{من قوارير زجاجية.
فخجلت من جهلها, وأقرّت لسليمان بالنبوّة, ولربه بالعظمة والقوّة,وقالت في حماسة ويقين:
ربّ, اني ظلمت نفسي بعبادة الشمس, وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين.
ورجعت الى قومها مؤمنة, وصارت ترسل الجزية في كل عام الى سليمان.
4.معجزة عند الموت
قضى سليمان سنواته الباقية من حياته يقود رعيته بالعدل, ويتقرّب الى ربه بالعبادة, وقد اختار لعبادته مكانا ببيت المقدس,لا يجرؤ أحد على الدنو منه ما دام هو قائم يصلي في المحراب.
فلما علم أنه حان حينه, وانتهى أجله, توكأ على عصاه, وخرج الى المسجد الأقصى, فدخل المحراب, واتجه الى الله مرتكزا على عصاه, فقبضه ملك الموت, وظل جثمانه واقفا تسنده العصا أياما, والناس والجن لا يدرون بموته, ولا يجرؤون على الاقتراب منه في محرابه, حتى تآكلت العصا, لقد أكلتها حشرة الأرض, فانكسرت العصا, ووقع الجثمان على الأرض فشاع الخبر, وشيّعته بنو اسرائيل الى مثواه, وعادوا من قبره يرددون: سبحانك اللهم! تؤتي الملك من تشاء, وتنزع الملك ممك تشاء.
هكذا كانت معجزات سليمان عليه السلام فهو يكلم النمل والطير والحيوان, ويسخر الرياح والجن بأمر ربه, وعندما يموت يموت هكذا, انها معجزات عظيمة وملك لم يؤت لأحد من بعد سليمان عليه السلام
الأربعاء، 10 ديسمبر 2014
مدينة النحاس التي بناها الجن لسيدنا سليمان عليه السلام /الجزء الاول
فِي فِيافِي الَّانَّدلس بالمغَرِب الَّاقصى قريبا مِن بحر الظلمات بلغ عَبِد الملك بن مروانَّ خبر مدينة النحاس فكتب الَى عَامّلَه بالمغَرِب موسى بن نصير بلغني خبر مدينة النحاس الَّتِي بِنَاها الجن لسلِيمانَّ عَلَيه السّلام فاذهب الِيِها و اكتب الِي بما تعايْنَه مِن العجائب و عجل بالجواب سَرِيعا انَّ شاء اللَه.
خرج موسى بن نصير فِي عسكر كثيف و عدة كثيرة و خرج مَعه الَّادلاء يدلَونه عَلَى تلك المدينة فسافر عَلَى غَيْر طريق مسلَوك مدة اربَعين يَوْما حتَى اشرف عَلَى ارض واسعة كثيرة المياه و العيون و الَّاشجار و الَوحوش و الطيور و الحشائش و الَّازهار و بدا لَهم سور مدينة النحاس كَانَّ ايدي المخلَوقين لم تصنعه فهالَهم مِنظرها
قَال موسى بن نصير كَيْف السبيل الَى مَعرفة ما فِي هَذِه المدينة ؟.
فقَال المهندسون تامر بحفر اساسها فمِنه يمكن انَّ يدخل الَى دَاخَل المدينة فحفروا عَند اساس سور المدينة حتَى وصلَوا الَى الماء و اساس النحاس راسخ تَحْت الَّارض حتَى غلبهم الماء فعِلموا انَّه لا سبيل الَى دخولَها مِن اساسها ثَمّ قَال المهندسون يبنى الَى زاوَية مِن زوايا ابراج المدينة بنيانَّ حتَى يشرف عَلَيها.
فَقَطّعوا الصخر و و بنوا برجا مقَداره ثَلاثَمّائة ذراع حتَى عجزوا عَن رفع الحجارة و بقي مِن السور مقَدار مائتي ذراع فاتخذوا مِن الَّاخشاب بنيانَّا عَلَى ذَلِك البنيانَّ حتَى وصلَوا مائة و سَبعين ذراعا ثَمّ اتخذوا سلما عظيما و رفعوه بالحبال عَلَى ذَلِك البنيانَّ حتَى اسندوه الَى اعَلَى السور
و قَال الَّامير موسى بن نصير مِن صعد الَى المدينة نعطيه ديته فانَّتدب رجل مِن الشجعانَّ و اخذ ديته و اوَدعها و قَال انَّ سلمت فهِي اجرتي و انَّ هَلكت فهِي ديتي تدفع الَى اهَلُي.
فصعد فَوْق السلم عَلَى سور المدينة فلما اشرف ضَحِك و صفق بيديه و القى بنفسه الَى دَاخَل المدينة
فسمَعوا ضجة عظيمة و اصواتا هائلة ففزعوا و اشتد خوفهم و تمادت تلك الَّاصوات ثَلاثة ايّام و لِيالِيِها ثَمّ سكتت تلك الَّاصوات فصاحوا باسم ذَلِك الرجل مِن كُلّ جانَّب مِن العسكر فلم يجبهم احد
فلما يئسوا ندب الَّامير رجلا اخِر فحدث لَه مثل ما حدث مَع الَّاوَل
فتقَدم رجل مِن الشجعانَّ بَعْد انَّ وعد بضعف الدية الَّاوَلى و قَال انَّا اصعد فشدوا فِي وسطي حبلا قَوِيا و امْسكوا طرفه مَعكَم حتَى انَّ اردت انَّ القي نفسي فِي المدينة فامِنعوني
مدينة النحاس التي بناها الجن لسيدنا سليمان عليه السلام
فِي فِيافِي الَّانَّدلس بالمغَرِب الَّاقصى قريبا مِن بحر الظلمات بلغ عَبِد الملك بن مروانَّ خبر مدينة النحاس فكتب الَى عَامّلَه بالمغَرِب موسى بن نصير بلغني خبر مدينة النحاس الَّتِي بِنَاها الجن لسلِيمانَّ عَلَيه السّلام فاذهب الِيِها و اكتب الِي بما تعايْنَه مِن العجائب و عجل بالجواب سَرِيعا انَّ شاء اللَه.
خرج موسى بن نصير فِي عسكر كثيف و عدة كثيرة و خرج مَعه الَّادلاء يدلَونه عَلَى تلك المدينة فسافر عَلَى غَيْر طريق مسلَوك مدة اربَعين يَوْما حتَى اشرف عَلَى ارض واسعة كثيرة المياه و العيون و الَّاشجار و الَوحوش و الطيور و الحشائش و الَّازهار و بدا لَهم سور مدينة النحاس كَانَّ ايدي المخلَوقين لم تصنعه فهالَهم مِنظرها
قَال موسى بن نصير كَيْف السبيل الَى مَعرفة ما فِي هَذِه المدينة ؟.
فقَال المهندسون تامر بحفر اساسها فمِنه يمكن انَّ يدخل الَى دَاخَل المدينة فحفروا عَند اساس سور المدينة حتَى وصلَوا الَى الماء و اساس النحاس راسخ تَحْت الَّارض حتَى غلبهم الماء فعِلموا انَّه لا سبيل الَى دخولَها مِن اساسها ثَمّ قَال المهندسون يبنى الَى زاوَية مِن زوايا ابراج المدينة بنيانَّ حتَى يشرف عَلَيها.
فَقَطّعوا الصخر و و بنوا برجا مقَداره ثَلاثَمّائة ذراع حتَى عجزوا عَن رفع الحجارة و بقي مِن السور مقَدار مائتي ذراع فاتخذوا مِن الَّاخشاب بنيانَّا عَلَى ذَلِك البنيانَّ حتَى وصلَوا مائة و سَبعين ذراعا ثَمّ اتخذوا سلما عظيما و رفعوه بالحبال عَلَى ذَلِك البنيانَّ حتَى اسندوه الَى اعَلَى السور
و قَال الَّامير موسى بن نصير مِن صعد الَى المدينة نعطيه ديته فانَّتدب رجل مِن الشجعانَّ و اخذ ديته و اوَدعها و قَال انَّ سلمت فهِي اجرتي و انَّ هَلكت فهِي ديتي تدفع الَى اهَلُي.
فصعد فَوْق السلم عَلَى سور المدينة فلما اشرف ضَحِك و صفق بيديه و القى بنفسه الَى دَاخَل المدينة
فسمَعوا ضجة عظيمة و اصواتا هائلة ففزعوا و اشتد خوفهم و تمادت تلك الَّاصوات ثَلاثة ايّام و لِيالِيِها ثَمّ سكتت تلك الَّاصوات فصاحوا باسم ذَلِك الرجل مِن كُلّ جانَّب مِن العسكر فلم يجبهم احد
فلما يئسوا ندب الَّامير رجلا اخِر فحدث لَه مثل ما حدث مَع الَّاوَل
فتقَدم رجل مِن الشجعانَّ بَعْد انَّ وعد بضعف الدية الَّاوَلى و قَال انَّا اصعد فشدوا فِي وسطي حبلا قَوِيا و امْسكوا طرفه مَعكَم حتَى انَّ اردت انَّ القي نفسي فِي المدينة فامِنعوني
ففعلَوا ذَلِك و صعد الرجل فلما اشرف عَلَى المدينة ضَحِك و صفق و القى نفسه فجروه بذَلِك الحبل و الرجل يجر مِن دَاخَل المدينة فانَّقطع جسد الرجل نصفِين و وقع نصفه مِن محزمه مَع فخذيه و ساقيه و ذهب نصفه الَّاخِر فِي دَاخَل المدينة و كثر الصياح و الضجيج فقَال الَّامير ربما يكون فِي المدينة جن ياخذون كُلّ مِن اطلع عَلَى المدينة فامر بالرحيل و سار خَلْف المدينة فرسخا اوَ نحوه فراى الَواحا مِن الرخام الَّابيض كُلّ لَوح مقَدار عَشرين ذراعا فِيها نقش كتاب باللسانَّ المسند فِيها اسماء الملَوك و الَّانَّبياء و التتابعة و الفراعَنة و الَّاكاسرة و الجبابرة و وصايا و مواعظ و ذكر النبي محمد صلى اللَه عَلَيه و سلم و ذكر امته و شرفه و شرف امته و ما لَهم عَند اللَه عز و جل مِن الكرامة و كَانَّ عَند الَّامير مِن العِلماء مِن يقرا كُلّ لغة فنسخوا ما عَلَى تلك الَّالَواح ثَمّ راوَا مِن بَعْد صَوَرٌة مِن نحاس فذهبوا الِيِها فوجدوها عَلَى صَوَرٌة رجل فِي يده لَوح مِن نحاس و فِي اللَوح مكتوب لِيس ورائي مذهب فارجعوا و لا تدخلَوا هَذِه الَّارض فتهَلكوا.
و قَال الَّامير موسى هَذِه ارض بيضاء كثيرة الَّاشجار و النبات و الماء فكَيْف يهَلك الناس فِيها؟ فامر جماعة مِن عبيده فدخلَوا تلك الَّارض فوثب عَلَيهم مِن بَيْن تلك الَّاشجار نمل عظام كالسباع الضارية فَقَطّعوا اوَلئك الرجال و خيولَهم و اقَبْلَوا نحو العسكر مثل السحابة حتَى وصلَوا الَى تلك الصُّوَرة فَوْقفوا عَندها و لم يتعدوها فعجبوا مِن ذَلِك ثَمّ انَّصرفوا
بَعْدوا عَن المدينة فوصلَوا بحيرة كَبِيرة كثيرة الطين و الَّامواج فِيها تلتطم طيبة الماء كثيرة الطير و الشجر المثَمّر و الزهر المختلف الَوانَّه فنزلَوا حولَها و امر الَّامير الغواصين فغاصوا فِي البحيرة فاخِرجوا حبابا مِن النحاس عَلَيها اغطية مِن الرصاص مختومة ففَتَح مِنها حبا فخرج مِنه فارس مِن نار عَلَى فرس مِن نار و فِي يده رمح مِن نار فطار فِي الَهُواء و هُو ينادي يا نبي اللَه لا اعود و فَتَحوا حبا اخِر و اخِر و كَانَّ نفس الشيء يحدث و قَال الَّامير لِيس مِن الصواب انَّ نفَتَح هَذِه الحباب لانَّ فِيها جنا قَد سجنهم سلِيمانَّ عَلَيه السّلام لتمردهم فاعادوا بقية الحباب الَى البحيرة ثَمّ اذن الموذنون لصلاة الظهر فلما ارتفعت الَّاصوات بالَّاذانَّ خرج مِن وسط البحيرة شخص كالَّادمي هائل المِنظر و جعل ينظر الَى الناس يمَيْنا و شَمَالَّا فصاح به الناس مِن كُلّ جانَّب مِن انَّت يا هذا القائم عَلَى الماء؟فقَال انَّا مِن الجن الّذين سجنهم سلِيمانَّ فِي هَذِه البحيرة و انَّما خرجت لما سمَعت اصواتكَم لانَّي ظننت انَّه صاحب الكَلاَم قَالَوا مِن صاحب الكَلاَم ؟.قَال رجل يمر بهَذِه البحيرة فِي كُلّ سنة يَوْما فِيقف فِيذكر اللَه و يسبح و يقَدس و يكبر و يسِتغفر و يدعو لنفسه و للمومِنين و المومِنات ثَمّ ينصرف و اسالَه عَن اسمه اوَ مِن هُو فلا يكُلّمِني قيل لَه اتظنه الخضر؟ قَال لا ادري قيل لَه كَم سجن سلِيمانَّ مِن الجن ؟قَال و مِن يقَدر انَّ يحصي عَدَّدهم ؟ ثَمّ غاب عَنهم
فلما عزموا عَلَى الَّانَّصراف قَالت الَّادلاء ايها الَّامير انَّ الطريق الّذي جئنا مِنه لا يمكن الرجوع مِنه لانَّ الَّامم الَّتِي حول ذَلِك الطريق قَد عِلموا بمجيئنا و قَد حالَوا بَيْننا و بَيْن الرجوع عَلَيهم و لا قَدرة لنا عَلَى قتالَهم و لَكِنّنا نعدل الَى جهة اخِرى عَلَى امة يقَال لَها مِنسك
و بَعْد ايّام وصلَوا الَى امة عظيمة و اذا بقوم كَانَّ كَلاَمهم كَلاَم الطير لا يفهم فلما راوَهم احاطوا بهم و عَلَيهم انَّوَاع السلاح و هم كالتراب كثرة فايقنوا بالَهَلاك حتَى خرج ملكهم فسلم عَلَيهم بلسانَّ عربي ففرحوا و اسِتبشروا خيرا و سالَهم مِن هم فقَالَوا لَه انَّهم عرب مِن حيز امير المومِنين اما هُو فقَال نحن امة مِن ولد مِنسك بن النفرة مِن ولد يافث بن نوح عَلَيه السّلام و انَّا ملكهم فسالَه الَّامير موسى ايها الملك كَيْف تَعْلَمت لسانَّ العرب و لا ارى فِي قومك مِن يكُلّمِنا به غَيْرك ؟ فقَال الملك ما مِن لسانَّ امكنني تَعْلَمه الَّا و قَد انَّفقت عَلَى تَعْلَمه و تعبت فِي مَعرفته دهرا و الملك اذا لم يَصْلح لنفسه بانَّ يزيد فِي فضائلَها كَيْف يَصْلح برعيته؟ و مَعرفة اللسانَّ زِيادَة انَّسانَّ فكُلّ لسانَّ انَّسانَّ.
فاسِتاذنوه فِي الرحيل فاذن لَهم ثَمّ كتب موسى بن نصير الَى عَبِد الملك بن مروانَّ بجَمِيع ما راه فلما وصلَه الكتاب تعجب مِن امر المدينة و مِن تلك المواعظ و الَوصايا الَّتِي عَلَى الَّالَواح و اسماء الملَوك و ذكر النبي عَلَيه السّلام و شرف امته و قَال الحمد للَه الّذي جعلنا مِن امته عَلَيه السّلام و اجاز الرسول و احسْن الِيِه فِيما يقَال و اللَه اعِلم
مدينة النحاس التي بناها الجن لسيدنا سليمان عليه السلام
فِي فِيافِي الَّانَّدلس بالمغَرِب الَّاقصى قريبا مِن بحر الظلمات بلغ عَبِد الملك بن مروانَّ خبر مدينة النحاس فكتب الَى عَامّلَه بالمغَرِب موسى بن نصير بلغني خبر مدينة النحاس الَّتِي بِنَاها الجن لسلِيمانَّ عَلَيه السّلام فاذهب الِيِها و اكتب الِي بما تعايْنَه مِن العجائب و عجل بالجواب سَرِيعا انَّ شاء اللَه.
خرج موسى بن نصير فِي عسكر كثيف و عدة كثيرة و خرج مَعه الَّادلاء يدلَونه عَلَى تلك المدينة فسافر عَلَى غَيْر طريق مسلَوك مدة اربَعين يَوْما حتَى اشرف عَلَى ارض واسعة كثيرة المياه و العيون و الَّاشجار و الَوحوش و الطيور و الحشائش و الَّازهار و بدا لَهم سور مدينة النحاس كَانَّ ايدي المخلَوقين لم تصنعه فهالَهم مِنظرها
قَال موسى بن نصير كَيْف السبيل الَى مَعرفة ما فِي هَذِه المدينة ؟.
فقَال المهندسون تامر بحفر اساسها فمِنه يمكن انَّ يدخل الَى دَاخَل المدينة فحفروا عَند اساس سور المدينة حتَى وصلَوا الَى الماء و اساس النحاس راسخ تَحْت الَّارض حتَى غلبهم الماء فعِلموا انَّه لا سبيل الَى دخولَها مِن اساسها ثَمّ قَال المهندسون يبنى الَى زاوَية مِن زوايا ابراج المدينة بنيانَّ حتَى يشرف عَلَيها.
فَقَطّعوا الصخر و و بنوا برجا مقَداره ثَلاثَمّائة ذراع حتَى عجزوا عَن رفع الحجارة و بقي مِن السور مقَدار مائتي ذراع فاتخذوا مِن الَّاخشاب بنيانَّا عَلَى ذَلِك البنيانَّ حتَى وصلَوا مائة و سَبعين ذراعا ثَمّ اتخذوا سلما عظيما و رفعوه بالحبال عَلَى ذَلِك البنيانَّ حتَى اسندوه الَى اعَلَى السور
و قَال الَّامير موسى بن نصير مِن صعد الَى المدينة نعطيه ديته فانَّتدب رجل مِن الشجعانَّ و اخذ ديته و اوَدعها و قَال انَّ سلمت فهِي اجرتي و انَّ هَلكت فهِي ديتي تدفع الَى اهَلُي.
فصعد فَوْق السلم عَلَى سور المدينة فلما اشرف ضَحِك و صفق بيديه و القى بنفسه الَى دَاخَل المدينة
فسمَعوا ضجة عظيمة و اصواتا هائلة ففزعوا و اشتد خوفهم و تمادت تلك الَّاصوات ثَلاثة ايّام و لِيالِيِها ثَمّ سكتت تلك الَّاصوات فصاحوا باسم ذَلِك الرجل مِن كُلّ جانَّب مِن العسكر فلم يجبهم احد
فلما يئسوا ندب الَّامير رجلا اخِر فحدث لَه مثل ما حدث مَع الَّاوَل
فتقَدم رجل مِن الشجعانَّ بَعْد انَّ وعد بضعف الدية الَّاوَلى و قَال انَّا اصعد فشدوا فِي وسطي حبلا قَوِيا و امْسكوا طرفه مَعكَم حتَى انَّ اردت انَّ القي نفسي فِي المدينة فامِنعوني
ففعلَوا ذَلِك و صعد الرجل فلما اشرف عَلَى المدينة ضَحِك و صفق و القى نفسه فجروه بذَلِك الحبل و الرجل يجر مِن دَاخَل المدينة فانَّقطع جسد الرجل نصفِين و وقع نصفه مِن محزمه مَع فخذيه و ساقيه و ذهب نصفه الَّاخِر فِي دَاخَل المدينة و كثر الصياح و الضجيج فقَال الَّامير ربما يكون فِي المدينة جن ياخذون كُلّ مِن اطلع عَلَى المدينة فامر بالرحيل و سار خَلْف المدينة فرسخا اوَ نحوه فراى الَواحا مِن الرخام الَّابيض كُلّ لَوح مقَدار عَشرين ذراعا فِيها نقش كتاب باللسانَّ المسند فِيها اسماء الملَوك و الَّانَّبياء و التتابعة و الفراعَنة و الَّاكاسرة و الجبابرة و وصايا و مواعظ و ذكر النبي محمد صلى اللَه عَلَيه و سلم و ذكر امته و شرفه و شرف امته و ما لَهم عَند اللَه عز و جل مِن الكرامة و كَانَّ عَند الَّامير مِن العِلماء مِن يقرا كُلّ لغة فنسخوا ما عَلَى تلك الَّالَواح ثَمّ راوَا مِن بَعْد صَوَرٌة مِن نحاس فذهبوا الِيِها فوجدوها عَلَى صَوَرٌة رجل فِي يده لَوح مِن نحاس و فِي اللَوح مكتوب لِيس ورائي مذهب فارجعوا و لا تدخلَوا هَذِه الَّارض فتهَلكوا.
و قَال الَّامير موسى هَذِه ارض بيضاء كثيرة الَّاشجار و النبات و الماء فكَيْف يهَلك الناس فِيها؟ فامر جماعة مِن عبيده فدخلَوا تلك الَّارض فوثب عَلَيهم مِن بَيْن تلك الَّاشجار نمل عظام كالسباع الضارية فَقَطّعوا اوَلئك الرجال و خيولَهم و اقَبْلَوا نحو العسكر مثل السحابة حتَى وصلَوا الَى تلك الصُّوَرة فَوْقفوا عَندها و لم يتعدوها فعجبوا مِن ذَلِك ثَمّ انَّصرفوا
بَعْدوا عَن المدينة فوصلَوا بحيرة كَبِيرة كثيرة الطين و الَّامواج فِيها تلتطم طيبة الماء كثيرة الطير و الشجر المثَمّر و الزهر المختلف الَوانَّه فنزلَوا حولَها و امر الَّامير الغواصين فغاصوا فِي البحيرة فاخِرجوا حبابا مِن النحاس عَلَيها اغطية مِن الرصاص مختومة ففَتَح مِنها حبا فخرج مِنه فارس مِن نار عَلَى فرس مِن نار و فِي يده رمح مِن نار فطار فِي الَهُواء و هُو ينادي يا نبي اللَه لا اعود و فَتَحوا حبا اخِر و اخِر و كَانَّ نفس الشيء يحدث و قَال الَّامير لِيس مِن الصواب انَّ نفَتَح هَذِه الحباب لانَّ فِيها جنا قَد سجنهم سلِيمانَّ عَلَيه السّلام لتمردهم فاعادوا بقية الحباب الَى البحيرة ثَمّ اذن الموذنون لصلاة الظهر فلما ارتفعت الَّاصوات بالَّاذانَّ خرج مِن وسط البحيرة شخص كالَّادمي هائل المِنظر و جعل ينظر الَى الناس يمَيْنا و شَمَالَّا فصاح به الناس مِن كُلّ جانَّب مِن انَّت يا هذا القائم عَلَى الماء؟فقَال انَّا مِن الجن الّذين سجنهم سلِيمانَّ فِي هَذِه البحيرة و انَّما خرجت لما سمَعت اصواتكَم لانَّي ظننت انَّه صاحب الكَلاَم قَالَوا مِن صاحب الكَلاَم ؟.قَال رجل يمر بهَذِه البحيرة فِي كُلّ سنة يَوْما فِيقف فِيذكر اللَه و يسبح و يقَدس و يكبر و يسِتغفر و يدعو لنفسه و للمومِنين و المومِنات ثَمّ ينصرف و اسالَه عَن اسمه اوَ مِن هُو فلا يكُلّمِني قيل لَه اتظنه الخضر؟ قَال لا ادري قيل لَه كَم سجن سلِيمانَّ مِن الجن ؟قَال و مِن يقَدر انَّ يحصي عَدَّدهم ؟ ثَمّ غاب عَنهم
فلما عزموا عَلَى الَّانَّصراف قَالت الَّادلاء ايها الَّامير انَّ الطريق الّذي جئنا مِنه لا يمكن الرجوع مِنه لانَّ الَّامم الَّتِي حول ذَلِك الطريق قَد عِلموا بمجيئنا و قَد حالَوا بَيْننا و بَيْن الرجوع عَلَيهم و لا قَدرة لنا عَلَى قتالَهم و لَكِنّنا نعدل الَى جهة اخِرى عَلَى امة يقَال لَها مِنسك
و بَعْد ايّام وصلَوا الَى امة عظيمة و اذا بقوم كَانَّ كَلاَمهم كَلاَم الطير لا يفهم فلما راوَهم احاطوا بهم و عَلَيهم انَّوَاع السلاح و هم كالتراب كثرة فايقنوا بالَهَلاك حتَى خرج ملكهم فسلم عَلَيهم بلسانَّ عربي ففرحوا و اسِتبشروا خيرا و سالَهم مِن هم فقَالَوا لَه انَّهم عرب مِن حيز امير المومِنين اما هُو فقَال نحن امة مِن ولد مِنسك بن النفرة مِن ولد يافث بن نوح عَلَيه السّلام و انَّا ملكهم فسالَه الَّامير موسى ايها الملك كَيْف تَعْلَمت لسانَّ العرب و لا ارى فِي قومك مِن يكُلّمِنا به غَيْرك ؟ فقَال الملك ما مِن لسانَّ امكنني تَعْلَمه الَّا و قَد انَّفقت عَلَى تَعْلَمه و تعبت فِي مَعرفته دهرا و الملك اذا لم يَصْلح لنفسه بانَّ يزيد فِي فضائلَها كَيْف يَصْلح برعيته؟ و مَعرفة اللسانَّ زِيادَة انَّسانَّ فكُلّ لسانَّ انَّسانَّ.
فاسِتاذنوه فِي الرحيل فاذن لَهم ثَمّ كتب موسى بن نصير الَى عَبِد الملك بن مروانَّ بجَمِيع ما راه فلما وصلَه الكتاب تعجب مِن امر المدينة و مِن تلك المواعظ و الَوصايا الَّتِي عَلَى الَّالَواح و اسماء الملَوك و ذكر النبي عَلَيه السّلام و شرف امته و قَال الحمد للَه الّذي جعلنا مِن امته عَلَيه السّلام و اجاز الرسول و احسْن الِيِه فِيما يقَال و اللَه اعِلم
الثلاثاء، 9 ديسمبر 2014
نبدا بقصة صغيره
قصه وعبره اكتر من مليون رائعه .. قصه حقيقيه !!
وقفت معلمة الصف الخامس في ذات يوم
و ألقت على التلاميذ جملة >> إنني أحبكم جميعا
وهي تستثني في نفسها تلميذ يدعى (تيدي)
فـ ملابسه دائماً شديدة الاتساخ
مستواه الدراسي متدن جدا
و منطوي على نفسه ،
و هذا الحكم الجائر منها كان بناء على ما لاحظته خلال العام
فـ هو لا يلعب مع الأطفال
و ملابسه متسخة
و دائما يحتاج إلى الحمام
و انه كئيب لدرجة أنها كانت تجد متعة في تصحيح أوراقه بقلم أحمر لتضع عليها علامات X بخط عريض وتكتب عبارة راسب في الأعلى.
ذات يومً
طُلب منها مراجعة السجلات الدراسية السابقة لكل تلميذ
وبينما كانت تراجع ملف تيدي فوجئت بشيء ما ! ! ! !
لقد كتب عنه معلم الصف الأول >> (تيدي) طفل ذكي موهوب يؤدي عمله بعناية و بطريقة منظمة.
و معلم الصف الثاني >> (تيدي) تلميذ نجيب و محبوب لدى زملائه و لكنه منزعج بسبب إصابة والدته بمرض السرطان.
أما معلم الصف الثالث كتب >> لقد كان لوفاة أمه وقع صعب عليه لقد بذل أقصى ما يملك من جهود لكن والده لم يكن مهتما به و إن الحياة في منزله سرعان ما ستؤثر عليه إن لم تتخذ بعض الإجراءات
بينما كتب معلم الصف الرابع >> (تيدي) تلميذ منطو على نفسه لا يبدي الرغبة في الدراسة وليس لديه أصدقاء و ينام أثناء الدرس.
هنا أدركت المعلمه (تومسون) المشكلة و شعرت بالخجل من نفسها ! ! !
و قد تأزم موقفها عندما أحضر التلاميذ هدايا عيد الميلاد لها ملفوفة بأشرطة جميلة ،،، ما عدا الطالب تيدي كانت هديته ملفوفة بكيس مأخوذ من أكياس البقاله.
تألمت السيدة (تومسون) و هي تفتح هدية (تيدي) وضحك التلاميذ على هديته وهي عقد مؤلف من ماسات ناقصة الأحجار و قارورة عطر ليس فيها إلا الربع
ولكن كف التلاميذ عن الضحك عندما عبرت المعلمة عن إعجابها بجمال العقد والعطر وشكرته بحرارة، وارتدت العقد ووضعت شيئا من ذلك العطر على ملابسها ،
ويومها لم يذهب تيدي بعد الدراسة إلى منزله مباشرة
بل انتظر ليقابلها وقال >> إن رائحتك اليوم مثل رائحة والدتي ! ! ! !
عندها انفجرت المعلمه بالبكاء لأن (تيدي) أحضر لها زجاجة العطر التي كانت والدته تستعملها ووجد في معلمته رائحة أمه الراحلة . . .
منذ ذلك اليوم أولت اهتماما خاصا به وبدأ عقله يستعيد نشاطه و بنهاية السنة أصبح (تيدي) أكثر التلاميذ تميزا في الفصل ثم وجدت السيده مذكرة عند بابها للتلميذ تيدي كتب بها أنها أفضل معلمة قابلها في حياته فردت عليه أنت من علمني كيف أكون معلمة جيدة
وبعد عدة سنوات فوجئت هذه المعلمة بتلقيها دعوة من كلية الطب لحضور حفل تخرج الدفعة في ذلك العام موقعة باسم >>>>> ابـــنـــك تــيــدي
فحضرت وهي ترتدي ذات العقد و تفوح منها رائحة ذات العطر . . .
هل تعلم من هو (تيدي) الآن ؟ ؟ ؟ ؟ ؟
تيدي ستودارد هو أشهر طبيب بالعالم ومالك مركز (ستودارد) لعلاج السرطان ! !
وقفت معلمة الصف الخامس في ذات يوم
و ألقت على التلاميذ جملة >> إنني أحبكم جميعا
وهي تستثني في نفسها تلميذ يدعى (تيدي)
فـ ملابسه دائماً شديدة الاتساخ
مستواه الدراسي متدن جدا
و منطوي على نفسه ،
و هذا الحكم الجائر منها كان بناء على ما لاحظته خلال العام
فـ هو لا يلعب مع الأطفال
و ملابسه متسخة
و دائما يحتاج إلى الحمام
و انه كئيب لدرجة أنها كانت تجد متعة في تصحيح أوراقه بقلم أحمر لتضع عليها علامات X بخط عريض وتكتب عبارة راسب في الأعلى.
ذات يومً
طُلب منها مراجعة السجلات الدراسية السابقة لكل تلميذ
وبينما كانت تراجع ملف تيدي فوجئت بشيء ما ! ! ! !
لقد كتب عنه معلم الصف الأول >> (تيدي) طفل ذكي موهوب يؤدي عمله بعناية و بطريقة منظمة.
و معلم الصف الثاني >> (تيدي) تلميذ نجيب و محبوب لدى زملائه و لكنه منزعج بسبب إصابة والدته بمرض السرطان.
أما معلم الصف الثالث كتب >> لقد كان لوفاة أمه وقع صعب عليه لقد بذل أقصى ما يملك من جهود لكن والده لم يكن مهتما به و إن الحياة في منزله سرعان ما ستؤثر عليه إن لم تتخذ بعض الإجراءات
بينما كتب معلم الصف الرابع >> (تيدي) تلميذ منطو على نفسه لا يبدي الرغبة في الدراسة وليس لديه أصدقاء و ينام أثناء الدرس.
هنا أدركت المعلمه (تومسون) المشكلة و شعرت بالخجل من نفسها ! ! !
و قد تأزم موقفها عندما أحضر التلاميذ هدايا عيد الميلاد لها ملفوفة بأشرطة جميلة ،،، ما عدا الطالب تيدي كانت هديته ملفوفة بكيس مأخوذ من أكياس البقاله.
تألمت السيدة (تومسون) و هي تفتح هدية (تيدي) وضحك التلاميذ على هديته وهي عقد مؤلف من ماسات ناقصة الأحجار و قارورة عطر ليس فيها إلا الربع
ولكن كف التلاميذ عن الضحك عندما عبرت المعلمة عن إعجابها بجمال العقد والعطر وشكرته بحرارة، وارتدت العقد ووضعت شيئا من ذلك العطر على ملابسها ،
ويومها لم يذهب تيدي بعد الدراسة إلى منزله مباشرة
بل انتظر ليقابلها وقال >> إن رائحتك اليوم مثل رائحة والدتي ! ! ! !
عندها انفجرت المعلمه بالبكاء لأن (تيدي) أحضر لها زجاجة العطر التي كانت والدته تستعملها ووجد في معلمته رائحة أمه الراحلة . . .
منذ ذلك اليوم أولت اهتماما خاصا به وبدأ عقله يستعيد نشاطه و بنهاية السنة أصبح (تيدي) أكثر التلاميذ تميزا في الفصل ثم وجدت السيده مذكرة عند بابها للتلميذ تيدي كتب بها أنها أفضل معلمة قابلها في حياته فردت عليه أنت من علمني كيف أكون معلمة جيدة
وبعد عدة سنوات فوجئت هذه المعلمة بتلقيها دعوة من كلية الطب لحضور حفل تخرج الدفعة في ذلك العام موقعة باسم >>>>> ابـــنـــك تــيــدي
فحضرت وهي ترتدي ذات العقد و تفوح منها رائحة ذات العطر . . .
هل تعلم من هو (تيدي) الآن ؟ ؟ ؟ ؟ ؟
تيدي ستودارد هو أشهر طبيب بالعالم ومالك مركز (ستودارد) لعلاج السرطان ! !
مقدمة
السلام عليكم ,,, تم انشاء هذه المدونة لمشاركة الروايات والقصص معكم وليس لاي غرض اخر وسوف ابدا في النشر من اليوم وارجو منكم ان تتابعوني ... واي احد لديه اي استفسار او تحفظ يمكنه مراسلتي
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)